Wednesday, June 9, 2010

الكنيسة دائماً منتصرة

الكنيسة دائماً منتصرة

OLIVER كتبها

الأطفال في قريتنا يحفظون التاريخ. يعرفون أن الإمبراطورية الرومانية بكل جبروتها إنحنت تحت الصليب معترفة بعجزها عن مقاومة المسيح و كنيسته أي المؤمنين بإسمه.

الأطفال في قريتنا يحبون المسيح الطفل المولود. و يحبون الرعاة و يرسمونهم كأطفال يلتفون معهم حول المزود. فأطفالنا يؤمنون بالتجسد الإلهي و بالإنجيل بغير إفتعال.و يحتفلون بفرح و حب بالشهيد أبانوب و يرونه صديقاً لهم.

و الشباب في قريتنا يعرفون المسيح خير معرفة .لا تمنعهم مراهقتهم عن التمسك بإنجيل المسيح . بل في قوة و بكل طاقتهم يتقدمون لخدمة المسيح في كل أرجاء الكنيسة.

و الفتيات عندنا جميلات كالعذراء.

يفرحن كبنات رقيقات عفيفات للمسيح و ينشرن السلام و البسمة فى كل القرية.

رجالنا فيما هم منشغلون في حقولهم يعودون بفرح حاملين أثمارهم مقدمين بكورهم للكنيسة. يأكلون لقمتهم و يسرعون لتعلم الإنجيل في دار أبو ملاك حيث يملك داراً واسعة.حيث اننا لا نملك كنيسة نصلى بها .

و نساءنا يقدمن بمهارة أمثلة للتفاني و الإيمان و يشجعن الجميع علي الحب.

هؤلاء هم كنيستنا في القرية. إذ لا يوجد في قريتنا كنيسة و جدران. بل الشعب هو الكنيسة.

و قد قرأ الشعب الذي هو الكنيسة قرار المحكمة الإدارية العليا كما قرأه الجميع و عرفه. قرأه لنا مجدي إبن شكري الذي هو موظف في بنك التسليف الزراعى.

نظر الأطفال بعضهم لبعض و هم لا يعرفون ما الأمر. و وقف شبابنا الصغير بجوار دوار العمدة يتسائلون هل يأتي شيخ الخفر و يجبر الشعب علي زواج ثان؟ فنحن هنا الكنيسة . فهل يطبق علينا هذا القرار؟

كنيستنا يا قاضي القضاة هي أم مرقص و عم مسيحة و أبو عماد و مريم الشابة الرقيقة. و نسيت أيضاً الطفل أبانوب . و أخوه كرياكوس.

و لم أذكر لك المقدس بشاي وولده بطرس الذي يعالج في القاهرة بعد أن باع البقرة لأن الدولة رفضت علاجه علي نفقتها.

فهل ستطبق عليهم الحكم؟

أنت حتي لا تعرف ماهية كنيستنا يا حضرة القاضي و لم تزر قريتنا فكيف حكمت علينا هكذا؟

قريتنا يا قاضي- بغير الحق- تقبع في ذاكرة مصر . تعودنا أن نتزاور هنا. و الحاج سيد لما كان يأتينا كان يقول يا بختكم يا نصاري أنا كان نفسي أتجوز واحدة بس بدل ما أنا مشنوق من أربع حريم و عيالهم اللي يفتحوا مدرسة لوحدهم..دا أنتوا في نعمة.

لا أدري هل نرسل الحاج سيد للقاضي لكي نبقى في النعمة كما يقول الحاج سيد. و هل سيسمع القاضي للحاج سيد؟ كلنا هنا نحترمه و لا شأن لنا بكونه متزوج بأربعة فله دينه و لنا إنجيلنا. هل تستطيع يا حاج سيد أن تقول للقاضى هكذا؟ قل له لك دينك و لنا إنجيلنا.

شيخ الغفر أبو زينب لم ينجب أولاداً و مع ذلك نناديه يا أبو محمد لأننا في القرية لا ننادي الأب بإسم إبنته.وقف أبو محمد يعلن كأنما يلقي بيان الحكومة في مجلس الشعب الفارغ.جات لنا إشارة بمنع تجمعات النصاري قوموا يا وله منك له علي بيوتكم.

نظر مجدي إلى الخواجة نعيم . و هو ليس خواجة بل يناديه الناس هكذا و لا أعرف لماذا فهو من القرية و لم يغادرها منذ أن عرفته. لكن نعيم زغر لشيخ الغفر قائلاً جرا إيه يا أبو محمد . أنت ما صدقت و اللا إيه. من إمتى بتِحرم علينا القعدة مع بعض؟ ثم نظر نعيم إلي شباب القرية قائلاً و لا واحد منكم يتحتح من مطرحه. هو فيه إيه؟ إشارة إيه اللي عايزة تغير إنجيلنا يا أبو محمد....

نظر أبو محمد من تحت جفنيه المعفرتين قائلاً ...يعني عايز تخل بالأمن يا نعيم و اللا بتحرض العيال على الحكومة؟

أجاب شاب من الواقفين .مالك يا شيخ الغفر . أنت عمال تقول كلام غريب علينا ليه؟ هو أنت أول مرة تشوفنا مع بعض؟ و للا بقى فيه حاجة في النفوس ؟ هو أنت قريب القاضي يا أبو زينب؟

هنا ثارت ثائرة شيخ الغفر لأنه يكره أن يناديه أحد بأبو زينب و كأنه يستحي من إبنته ...و حول يده ليلطم بكل قسوة أمير إبن مكرم البقال.

و كأنه لطم الناس جميعاً . و أحس الجميع بالمهانة . و لكن أمير الذى تربى حسناً لم يجرؤ في رد اللطمة بمثلها لكنه صمم على تقديم شكوى ضد شيخ الغفر فى النقطة التى تبعد عنهم 2 كم . و قرر الجميع الذهاب إلى النُقطة للشهادة ضد تعدى شيخ الغفر.الذى أفرغ شحنة كراهيته في أمير و مضى متجهماً و مهدداً أي تجمع في القرية.

فيما يرتب الشباب الذهاب مع أمير لشكوى شيخ الغفر كانت نصف ساعة قد مضت بين جدل بالشكوى في النُقطة أم الإكتفاء بشكوى عند العمدة و عمل قعدة عرب يحكم فيها العمدة بمساعدة شيخ الغفر أيضاً لكن شيخ الغفر هو المتهم هنا و إستقر أمرهم على الذهاب للنقطة .

على الطريق المؤدى إلى خارج القرية كان الغفير سكلانة ( أسموه هكذا لأنه كان ينام في أي مكان و لا يصحو إلا بعد إنتهاء ورديته)

كان سكلانة يمسك بعصا مهدداً الخارجين بصحبة أمير ..فعادوا بعد أن رأوا الأمر يتطور إلي الأسوأ. لكن النية مبيتة بالذهاب للنُقطة فور أن ينام سكلانة.

و قبل أن تنقضى دقائق عند عودتهم و فيما هم يتحادثون أمام بيت أم سليمان التي طفرت الدموع من عينيها على إهانة شاب زى الورد كما قالت داعية بأن اللي مد إيده على أمير إيده تتشل. و على صوتها المرتفع خرجت أم أستير تتسائل فيه إيه يا أولاد . و قبل أن يجيبوها كانت سيارة قد أتت مثيرة للغبار في كل الأرجاء.و نزل منها سكلانة و جنديين و أمسكوا بالجميع بما فيهم أم سليمان و أم أستيرو إقتادوهم للنُقطة.

كان أمير خافياً وجهه خجلاً من إهانته أمام الجميع لكن تصميمه أن يبدو قوياً لا ضعيفاً و لا حتى في النُقطة .

و بمجرد دخولهم النقطة كان الملازم حمد هو الذى إستقبلهم بركلاته و صفعاته متسائلاً ...أنتوا بقى بتتحدوا الدولة؟؟؟ عاملين لى فيها دولة لحسابكم . ما حدش قادر عليكو و اللا إيه؟؟؟ و إذا بصفعة على صدغ أم أستير . فإرتمت على الأرض باكية متهاوية فيما كانوا قد قيدوا بقية الشباب بحبال . واضعين قيد حديدي في يد أمير وحده.

الملازم حمد و قد أنهكت قواه البدنية و العصبية من ضربهم مع خوف دفين في داخله من ردود الأفعال بعد قليل جلس على كرسي وسط النقطة و هو يصيح ....عاملين مظاهرة ضد الحكم؟؟؟ مش عاجبكم القانون؟؟؟

نظرت أم سليمان متسائلة و هى تخفى وجهها بكفيها .حكم إيه يا أستاذ أحنا ما عاليناش أحكام.رد سكلانة بعد إستئذان الملازم قائلاً أفهمها يا باشا؟فرمق بعينيه بما يفيد نعم.

قال سكلانة و هو الذي لا يعرف الفرق بين البقرة و صاحبها.الحكم يا ولية بتاع الجواز التانى.

ضربت أم سليمان على صدرها . جواز مين تاني يا سكلانة؟رد سكلانة : جواز اللي طلق يا سليمان.... ردت أم سليمان بفزع مين اللى طلق يا سكلانة؟؟؟؟؟ صمت سكلانة فهو لا يفهم أكثر من ذلك... و بقيت أم سليمان محتارة لا تفهم شيئاً. فهى تعرف فقط أن شيخ الغفر لطم أمير . و أمير ينوى أن يشتكيه.لكنها صارت أكثر حيرة الآن...تفكر ماذا حدث لزوجها .

تركهم الملازم لساعات و قد إلتف حول النقطة من بعيد كل مسيحيي القرية متأثرين بما سمعوه عن أمير و قد إستفزهم إقتياد أم سليمان و أم أستير فى مشهد لم يعرفوه من قبل.

عاد الملازم بعد ساعات يبدو مرتبكاً. و إبتدأ يسأل.لماذا تعترضون على الحكم ؟؟؟ و ترتبون لمظاهرات ؟ نظر بعضهم لبعض و أم أستير كانت تشهق من البكاء حيث صعبت عليها نفسها . حُكم إيه يا بيه و مظاهرات إيه؟ دا أنت واخدنا من قصاد بيتنا.و لا حتي نعرف أنت بتتكلم على مين؟هو فيه إيه اللى حصل؟كان الملازم يستجوب و التليفزيون مفتوح . و كان هناك مؤتمر صحفى للبابا . توقف الملازم حمد و إبتدأ يركز في كلام البابا فى المؤتمر الصحفى.الذي كان يصرح كأسد قائلاً( لن تستطيع قوة على الأرض أن تجبرنا على مخالفة الإنجيل.و لا يمكن أن تقبل الكنيسة بزواج المطلق لغير علة الزنا)...كان حمد ينظر للتليفزيون مشمئزاً .ثم عاد للإستجواب قائلاً : إذا كان أبوكم كمان بيتحدى الدولة . دا أنتوا فقتوا علينا بقى يا نصارى.و إبتدأ يلطم و يركل بغير تحديد.

مرت الدقائق المهينة مثل دهور.... سُمِع صراخ أم سليمان من بعيد فإنطلق الحشد الواقف أمام النقطة و لم يقدر أحد أن يوقفهم.

إنذهل الملازم حمد لما رأى كل أهل القرية يقتحمون النقطة. و لم يفق إلا لما صفعه الحاج حسنين بقوة أطاحت به من على كرسيه.فيما سكت الجميع سوي أبو سليمان و أبو أستير اللذان أشبعا الملازم و شيخ الغفر ضرباً .

هنا أمسكهما الحاج حسنين ...كفاية أخدتوا حقكم و زيادة. ..و صاح في الملازم ...أنت خدتهم ليه؟ أجاب مرتعباً من الجمع ...عشان همه ضد حكم المحكمة ...أجاب الحاج حسنين ...و أنا كمان ضد حكم المحكمة. و كل اللى بيفهموا الأصول ضد حكم المحكمة....ثم توعده قائلاً إيه؟ هتلم مصر كلها عشان ضد الحكم؟ يا ناقص....و تركه و ذهب يفك وثاق الشباب .

فيما يُهدأ العمدة الجميع .بينما هرب سكلانة من شباك الحجز.

خرج الجميع منتصرين . شاعرين أن حقهم عاد .صارت القرية كلها كنيسة.إمتلأت ثقة أكبر في الرب و معرفة أعمق لإنجيل المسيح.

كان التليفزيون يذيع المؤتمر الصحفي للبابا معلناً موقف الكنيسة من حكم المحكمة الإدارية العليا لكنها ليست عُليا أمام كلمة الرب

No comments:

Post a Comment